حوادث الطرق" أخطر من الإرهاب

في جنوب سيناء.. شرم الشيخ.. دهب.. طابا.. تحول "نزيف الأسفلت" الي خطر يفوق خطر الإرهاب حتي انهم جمعوا هنا بين الطرفين.. فأسموا الحوادث "إرهاب الطرق".. لأنهم أدركوا حقيقة أن الأمر جد لا هزل فيه.. وان أسوأ ما يدمر جهود التسويق السياحي لمصر هو هذه الحوادث التي زادت كما أكد كل الخبراء علي الحد الآمن.. المقبول.
الخبراء يؤكدون ان حوادث الطرق في جنوب سيناء بين القاهرة والطور وشرم الشيخ ودهب وغيرها تهدد بالفعل استمرار تدفق 4 ملايين و100 الف سائح يعشقون جنوب سيناء.. ويضخون للخزانة المصرية مايزيد علي 48 في المائة من إجمالي ما تضخه السياحة كلها في الخزانة العامة.
وصار مثلث الموت "السائق". "الطريق". و"المستشفي" مثلثا مرعباً.. ليس فقط لشركات السياحة والمستثمرين ولكن أيضا لكل قيادات المحافظة.. وحتي المواطنين العاديين.
ورغم كل التصريحات الوردية.. فلا يزال المثلث مرعباً.. بل انه يزداد قوة.. لأنه رغم كل التطمينات والوعود والتصريحات.. فإن التحرك نحو علاج الأسباب لا يزال بطيئاً بطيئاً.. فلا الطرق تم رفع كفاءتها.. ولا السيارات المتهالكة عزفت عن ركوب الطرق.. ولا المستشفيات الرخامية استطاعت جذب الاخصائيين والاستشاريين لانقاذ حياة البشر.. والعباد.
.. ورغم الغرامات التي تفرض علي شركات السياحة والتحذيرات التي تطلقها الدول المصدرة للسياحة لمواطنيها عن خطورة السفر لمصر بصفة عامة ولجنوب سيناء البحر الأحمر بصفة خاصة بسبب احتمال تعرضهم للموت اثناء القيام برحلات سياحية برية. ورغم ان متوسط إجمالي الحوادث لعام 2008 بلغ وبحسب تقرير مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء 121 الف حادث راح ضحيتها 22400 بين ميت ومصاب حيث بلغت نسبة الوفاة 156 حالة لكل 100 ألف مركبة وهي الأعلي عالميا في الوقت الذي لا تزيد فيه حالات الوفاة في أوروبا علي 8 حالات فقط لكل 100 ألف مركبة وهو مايجعل قرار السائح الأوربي بالسفر الي أي من المنتجعات السياحية المصرية امراً صعبا يصل الي حد المجازفة وهو مايضطر معه المستثمرون الي خفض الاسعار وهو مابات يسمي بظاهرة حرق الأسعار الذي يساهم ايضا في تدمير سمعة المنتجعات السياحية.
نعم.. خطر الموت يزيد
اللواء هاني متولي محافظ جنوب سيناء اعترف ل"الجمهورية الأسبوعي" وقال: نعم.. الحوادث زادت علي الحد الآمن لصناع حيوية وسريعة التأثر بأي شيء. ومن المؤلم والمحزن جدا ان يأتي السائح أو إنسان أجنبي أو عربي أو مصري للتنزه وللفسحة والاستمتاع بجمال الطبيعة فيعود محملاً لأهله في نعش أو صندوق وهو أمر غاية في القسوة خاصة ان كان المتسبب سائقاً أرعن وجشعاً يعمل ليل نهار بلا راحة أو رحمة أو لأن شركة السياحة استأجرت اتوبيساً من الخارج ولم تكن حالته الفنية تصلح لأن من يسمون "الخيريتية" قاموا بتنظيم رحلة باجتهادهم في غفلة من الرقابة أو بتواطؤ أحد عناصر الرقابة علي السوق السياحي لجني مكاسب مالية كبيرة علي حساب الأوراح وسمعة مصر ليتضرر الآف العمال وتضيع مليارات الاستثمارات.
الخيريتية السبب
وقال متولي لا أخفي عليكم ان معظم حوادث اتوبيسات السياح يظهر فيها عنصر الخيريتية الذين يعملون كسمكاسرة سياحة في تنظيم رحلات سياحية للقاهرة بأسعار محروقة ويقومون بتجميع السياح من الشوارع ومن المطاعم بالالحاح والإغراء ثم يستأجرون سيارة متهالكة يقودها سائق يعمل ليل نهار وغير مدرب ولا يعلم بطبيعة طرق المحافظة وهو ما تم العمل عليه خلال الفترة السابقة والسيطرة عليه الي حد ما من خلال القبض علي هؤلاء الخيريتية وتنظيم عمليات التسويق للرحلات عن طريق شركات مرخصة وخطر قيام اية اتوبيسات لا تتبع شركة عاملة ولها مقر بالمحافظة برحلات سياحية وكذلك الزام الشركات بتدريب سائقيها قبل الالتحاق بالعمل من خلال مراكز التدريب التابعة لوزارة السياحة وايضا الزام الشركات بتواجد سائقين علي الرحلة التي تزيد مسافتها علي ال400 كم وتركيب محددات للسرعة كشرط لتجديد الترخيص بحيث لا تزيد السرعة علي 100 كم/ساعة بالاضافة الي تكليف إدارة المرور بأخذ عينة دم من السائق الذي تبدو عليه علامات غريبة اثناء الوقوف في الأكمنة وأخذ عينة دم لمعرفة ان كان يتعاطي المخدرات من عدمه.
تطوير الطرق
أما ما يخص الطرق قال المحافظ اللواء هاني متولي: ان حالة الطرق وطبيعتها بجنوب سيناء تختلف عن بقية المحافظات من ناحية المسافات الفاصلة بين المدن والتي لا تقل عن 100 كم كحد أدني كما ان معظمها يمر بمنحنيات وانحدارات طبيعية شكلتها جغرافية المكان لا دخل لنا فيها كما ان تكلفة انشاء أو ازدواج أو توسعة الطرق مكلفة للغاية ورغم ذلك فقد قامت المحافظة بالتعاون مع بقية الوزارات سواء السياحة والاسكان برصد مبالغ ضخمة لرفع كفاءة الطرق لتقليل الحوادث وانقاذ سمعة المنتجع السياحي رغم ان 75% من الحوادث مرتبط بالعنصر البشري بينما بقية العناصر لا تتجاوز ال25% فتم بالفعل توسعة الطريق الرابط بين شرم الشيخ وطور سيناء بطول 100 كم وكذلك ازدواج طريق شرم الشيخ دهب بطول 120 كم وهما شريانا السياحة في المحافظة وكذلك تتم حاليا اعمال الصيانة للطريق الرابط بين دهب سانت كاترين وطريق فيران كاترين الطور ومازالت هناك بعض الاعمال في طريق رأس سدر الا أننا لا نقول ان كل شيء تمام التمام و"الا نذهب ونجلس في بيوتنا" احسن ولكننا نعمل بخطة مدروسة وعلي مراحل حتي يمكن ان نستمر في تنمية بقية القطاعات.
الخدمة الطبية .. مريضة
اشار المحافظ الي ان هناك تقصيراً وقصوراً كبيراً في الخدمة الطبية بالمستشفيات والوحدات الصحية قد لا تناسب اهمية المحافظة سياحياً وهو ما يضطرنا ان نحول جميع اصابات الطرق الي مدينة شرم الشيخ وعلاجهم بصورة مبدئية بالمستشفي الدولي ونقل الحالات الخطيرة الي القاهرة مستعينين بالإسعاف الطائر لوزارة الصحة أو القوات المسلحة.. وحقيقة نحن في أمس الحاجة الي الدعم الطبي بالتخصصات الدقيقة التي تتطلبها الحوادث وقد طالبنا بتزويد المحافظة بإسعاف طائر وزيادة اعداد سيارات الاسعاف الحديثة وتحديث نقاط الاسعاف المنتشرة علي الطريق لتقديم المعونة والا تقتصر علي مكان لاستراحة ومبيت المسعف والسائق.. وقال ان مستشفيات المحافظة تكلفت ملايين في انشائها ويجب سرعة استكمالها وتزويدنا بالأطباء خاصة وان المحافظة تسد الحد الأدني من احتياجاتها عن طريق التعاقد من ميزانيتها الخاصة ولولا القوافل الطبية من الجامعات لتفاقمت المشكلة أكثر من ذلك.
ومن جانبه أكد مجدي بيومي رئيس مجموعة المجد للاستثمار السياحي ان حوادث الطرق خطر فاق العالمي لأنه يصف مصر بالاهمال في أوراح السياح وعدم الجدية في اصلاح الطرق والمستشفيات وتدريب السائقين علي القيادة الآمنة وطريقة التعامل مع السائح ولكن الواقع ان فئة السائقين قليل منهم مدرب ولديه خبرة سياحية وهم كالعملة النادرة وسط اغلبية لا يهمها سوي كم سيدفع الزبون من إكرامية وبقشيش وكم لفة أو وردية سيعملها خلال النهار والليل ونسمي تماماً انه مسئول عن عشرات الأرواح. وأشار الي ان هناك تحركاً ملحوظاً لتجديد شباب الطرق الرابط بين القاهرة وشرم الشيخ وبين المدن السياحية بجنوب سيناء لكن مازالت الطرق في حاجة الي الإرشادات والعلامات العاكسة والإنارة علي الجانبين ويمكن استخدام الخلايا الشمسية مع تحمل المستثمرين نصيب من التكلفة باعتبارهم المستفيد الأول من السياحة وإنهاء أزمة حوادث الطرق.
جشع أصحاب شركات النقل
وكان للسائقين رأي استطلعته "الجمهورية" قال سيف عبدالفتاح الجغبيبي: اننا كسائقين الطرف الأضعف في هذه المعادلة التي تلقي باللوم علينا كمتسببين للحواث ولا يعلم الكثير اننا نعمل بتعليمات عند اصحاب الشركات السياحية اصحاب الاتوبيسات وأوامر الشغل لا يمكن ان نؤخرها تحت أي ظروف فهم لا يعرفون إلا المكاسب فقط حتي لو لم نكن نستطيع نعمل وهو أمر يتكرر كثيراً في اوقات الذروة السياحية ولا مفر من العمل ليلاً ونهاراً لانجاز الارتباطات المسبقة مع الشركات ولأن هناك أوقات ركود في بعض شهور السنة فإننا نعمل خلال المواسم بلا راحة والاهم اننا نطلب صيانة الاتوبيسات في حال ظهور اي اعطال أو تهالكها ونفاجأ بأنهم يتجاهلوننا وفي نهاية المطاف نلام نحن ونسجن ولا نستطيع ان نثبت ان صاحب الشركة بجشعه أوردنا المهالك.
دعاية مضادة.. وإهدار الملايين
ويقول مصطفي زغلول مدير تسويق سياحي لعدة شركات: ان الحوادث هي اسوأ شيء لان تكرارها يترك انطباعاً غاية في السوء عن المقصد السياحي ويوصف بالتخلف وهو مايعوق جميع جهود هيئة التنمية السياحية ووزارة السياحة التي تنفق الملايين علي الدعاية بجميع اشكالها حيث تتداول الوكالات الاعلامية والدعائية للمقاصد المنافسة حوادث الطرق التي يروح فيها عشرات السياح بالصور والمتابعة بشكل مضاد والحل هو القضاء علي المسببات من سائق يجب ان يتخرج من معهد ولو لعدة شهور فقط ولنا في المدرسين الذين تتم إعادة تأهيلهم وتدريبهم في اكاديمية استحدثت خصيصاً لهذا الغرض وبالطبع رفع كفاءة الطرق وانارتها وتزويدها بالعلامات وإعادة تجهيز الاتوبيسات واحكام السيطرة والرقابة.. ان كنا صحيح بنحب مصر لننقذ منتجعات جنوب سيناء من خطر الارهاب المروري.